فرهود سوق الهنود في البصرة عام 1941
الحكاية الاولى : كان الاضراب قد عم اسواق البصرة صبيحة السابع من أيار 1941 فأوصدت المحلات التجارية ابوابها احتجاجا على قرب دخول القوات البريطانية الى البصرة ، واستمرت المظاهرات تجتاز شارع الساحل متوجهة الى الكورنيش وهي تهتف وتستنكر وترفع اللافتات . وعند مدخل سوق الهنود وقف الميجور ( للويد ) برفقة الترجمان الخاص به وقد بدا عليه القلق ناظرا الى ساعته بين الحين والآخر ، فقد كان ينتظر وصول القوات البريطانية الى المدينة . وما ان اقتربت الساعة من السابعة صباحا حتى سحب حاكم البصرة الميجور للويد مسدسه وأطلق النار على قفل احد المحلات قائلا للمترجم ان يصرخ بكلمة Loot بمعنى فرهود ! وما كاد المتظاهرون والسابلة يسمعون كلمة الفرهود حتى توقفوا عن التظاهر وراحوا يكسرون أبواب المحلات المغلقة وينهبون ما فيها ، ولم تمض لحظات حتى انفرطت المظاهرة وتحول سوق الهنود الى فوضى وسلب ونهب . وفي تلك اللحظات تدفقت القوات البريطانية لتأخذ طريقها ؛ الأول باتجاه ميناء المعقل والثاني باتجاه فلكة اسد بابل . وبعد ان استقرت القوات في مراكزها اعلن عن منع التجول فانفرط عقد الفرهود بعد ان نهبت الجماهير كل شيء تقريبا !
الحكاية الثانية : في اليوم التالي ابلغ الميجور المترجم بالذهاب الى سوق الهنود لرفع اسماء المتاجر المتضررة . ويذكر المترجم حميد علي قائلا : وعندما علم اصحاب المحلات بمهمتي حتى راحوا يبالغون في تقدير الخسائر حتى ان اقيامهم وصلت الى 160 الف دينار . وكنت خائفا من ان يتهمني الميجور بالمبالغة في التقدير والتزوير لأنني كنت عارفا بأن أي دكان لم تزد موجوداته عن المائة دينار ، وحين قدمت قوائم الاضرار الى الميجور وقعها بلا تدقيق قائلا :من اغرب خصائص شعبكم عدم تقديره للمواقف فانا وقعت ما قدمته لي رغم معرفتي بأنها غير صحيحة ولكننا اشترينا بهذا المبلغ التافه سلامة جنودنا فالجندي البريطاني في حال مقتله يكلفنا اكثر من عشرين الف باون ، ونحن نعرف بأننا سنسترجع المبالغ التي دفعناها بطرق اخرى من جيوبكم
الحكاية الثالثة : خلال حملة النهب والسلب في محلة المشراق كان من نصيب الحمال ( ابوجميع ) علاوي الحبوب ، فلم يكتف بحمل گونية ( كيس من الخيش) ام قلم العريض بل كان يصر على حمل گونيتين في كل مرة ونجح ابو جميع مرتين . ولكنه في المرة الثالثة لم يقاوم الثقل الهائل فانهار امام عتبة بيته ودفنته الگواني تحت ضغط ما يقارب نصف الطن !
الحكاية الرابعة : أما ( عجيرب ) وهو رجل سكير اسود اللون فكانت حصته من الفرهود تختلف عن حصص الآخرين اذ وجد في دكان ابو حسقيل لبيع المشروبات الروحية كميات كبيرة من العرق اشغلته عن بقية المنهوبات عندما لمح قرابيات العرق السرمهر ، جعل منها سريرا على قارعة الطريق وتمدد فوقها واستمر يغرف بالطاسة ويشرب مواصلا الليل بالنهار حتى خمد بدنه ليلحق بالحمال ابو جميع !
الحكاية الخامسة : أما عبد الوهاب فقد اهتم بنهب محلات الاثاث ونقلها الى بيته في ( المجيبرة ) فتكدست في غرف البيت وممراته وفوق السطح حتى انه عجز عن الحركة داخل بيته .وتشاء الصدف قيام معيدية بمحاولة اشعال البريمز لاعداد شاي الا ان البريمز انفجر فاشتعلت النار في صريفتها وسرت الى الصرائف والبيوت المجاورة وخصوصا بيت عبد الوهاب فالتهمت جميع منهوباته . وكانت فرقة من رجال الاطفاء قد هرعت لاطفاء النيران الا انها جوبهت بطلقات من الرصاص يتطاير من حولهم فتراجعوا مبتعدين عن الخطر وتركوا النيران تشتعل لثمانية ايام وسبع ليال اكلت الاخضر واليابس وتركت الارض يبابا . وقد تبين بعد اطفاء النيران ان رجال الفرهود كانوا قد خبأوا كميات من العتاد والطلقات تحت ارضيات صرائفهم التي ما ان مستها الحرارة حتى اخذت بالتفجر !
اشترك في بريدنا الالكتروني لتتوصل باشعار فور نشر موضوع جديد
0 الرد على "فرهود سوق الهنود في البصرة عام 1941"
إرسال تعليق